سلطت جريدة «واشنطن بوست» الأميركية الضوء على الوضع الليبي في الذكرى السنوية الأولى لكارثة درنة، التي وقعت في سبتمبر من العام الماضي، واصفة ما حدث في البلاد بعد ذلك بـ«دراما كبيرة وأكثر غموضاً».
وقالت الجريدة، في مقال نُشر اليوم الجمعة، إن ليبيا شهدت في الشهور الأخيرة، وعقب كارثة درنة، «الصفقات السرية، والتحويلات في السوق السوداء، والتهريب غير المشروع»، مؤكدة أن أزمة المصرف المركزي أدت إلى شل الاقتصاد، وأثارت مخاوف جديدة من الصراع.
وانخفضت صادرات النفط بشكل حاد في الأسابيع الأخيرة، «في حين يواجه الليبيون العاديون طوابير طويلة في محطات الوقود، وقيوداً على قدرتهم على سحب النقود من البنوك، وانهيار شبكة الكهرباء»، وفق تعبير الجريدة.
ووصف المقال المصرف المركزي بأنه «المستودع القانوني الوحيد لثروة ليبيا المولدة من النفط»، مشيرا إلى توقفه عن العمل، وتعليق صادرات النفط.
خلاف الدبيبة- حفتر ودوره في الأزمة
وترى «واشنطن بوست» أن النزاع الأساسي يدور «مخططات سماسرة السلطة المتنافسين على عائدات النفط في دولة بها أكبر احتياطات نفطية في أفريقيا»، موضحة: «يختلف فصيل الدبيبة مع فصيل خليفة حفتر، الذي يسيطر على شرق ليبيا، وأقام علاقات عميقة مع قوى أجنبية، مثل روسيا والإمارات العربية المتحدة. بعد وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في عام 2020، هناك سلام غير مستقر، حيث يخوض الدبيبة وحفتر معاركهما بوسائل أخرى في الوقت الحالي».
وأكدت الجريدة أن ليبيا لم تشهد حكمًا مستقرًا منذ الإطاحة بالقذافي، و«هي الآن ممزقة بين كيانين سياسيين متنافسين ومجموعة من الجماعات المسلحة. وقد برز الدبيبة وحفتر كعشائر قوية شبه أسرية، تتنافس على النفوذ على المؤسسات الرئيسية، مثل المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط».
ونقلت الجريدة عن محللين قولهم: «تلاعب الدبيبة بالمصرف المركزي، لتحقيق غاياته الفاسدة، جعل الكبير يرحب بحفتر، الذي يُزعم في الوقت نفسه أنه يرأس شبكات واسعة من التهريب غير المشروع».
«ذي إيكونوميست»: الصديق الكبير يذرع بذور نهايته بنفسه
كما نقلت عن مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية قولها: «لقد زرع الصديق الكبير بذور نهايته بنفسه. في البداية، اشترى كبار منافسيه.. الناس الذين ثاروا ضد الديكتاتورية، ويقال إن البنك مول أمراء الحرب، ودفع رواتب المقاتلين الذين حاصروا طرابلس ودافعوا عنها».
وأضافت المجلة الأسبوعية البريطانية: «عندما انتهى القتال في العام 2020، موّل الكبير مخططاتهم الضخمة على نحو متزايد، للاستفادة من عائدات النفط الهائلة في ليبيا. لقد دفع مليارات الدولارات لاستيراد الوقود بأسعار السوق، ودعمه لجعله الأرخص في العالم، ثم سمح بتهريبه براً، وبشكل متزايد، بواسطة ناقلات النفط إلى أوروبا. وكلما زاد المال والسلطة التي جمعها المستفيدون زاد ضعفه. وعندما حاول كبح جماح المال، كان الأوان قد فات».
صراع بين الميليشيات
وأورودت «واشنطن بوست» عن الباحث في الشؤون الليبية ولفرام لاخر قوله: «يهدد وصول حفتر إلى الأموال بشكل كبير زعزعة استقرار توازن القوى، حيث أخبر صدام (ابن خليفة حفتر) المقربين منه أنه يسعى إلى تأليب الفصائل الليبية الغربية ضد بعضها البعض، وشراء دعم قادة الميليشيات المختارين، وهي مهمة أصبحت قائمة على مدى الأسبوع الماضي، حيث زار عدد كبير من كبار المسؤولين الإقليميين، بما في ذلك رئيس المخابرات التركية، ليبيا».
وترى الجريدة أن التعقيدات الجيوسياسية في ليبيا «تخفي وراءها إحباطات العديد من الليبيين الذين يريدون ببساطة درجة من الاستقرار السياسي».
ونقل كاتب المقال عن مستشار سابق للحكومة الليبية، تحدث شريطة عدم كشف هويته خوفا على سلامته: «إذا سألت أي ليبي عادي، فسوف يقول إننا بحاجة إلى حكومة واحدة، ونحتاج إلى انتخابات. لكن سماسرة السلطة في البلاد ليسوا مهتمين بمثل هذه النتيجة، فلماذا يريد حفتر حكومة واحدة؟ يمكنه طباعة النقود كما يحلو له الآن، وتهريب النفط»